الثلاثاء، 15 يونيو 2010

الفنان عبدالجبار اليحيا

علامة بارزة وهامة

لا أعتقد أن مؤرخا عادلا يمكن أن يتجاهل وهو يؤرخ للتشكيل السعودي أن يتخطى ويتناسى أسماء مثل محمد السليم , عبد الجبار اليحىا, عبد الله الشيخ, فؤاد مغربل,منيرة موصلي, اعتدال المطيري, صفية بن زقر.. وغيرهم وإن آثر البعض منهم أن يدخل دوائر الظل لسبب أو لآخر, إننا في هذه المساحة نحاول أن نلقي الضوء على أحد هؤلاء فثمة جيل ظهر على الساحة أخيرا أجزم بأنه لا يعرفه..

لمحة عن الفنان:

يعد (عبدالجبار اليحيا)رائداً من رواد الحركة التشكيلية السعودية المعاصرة، تستطيع أن تكتشف خصوصيته من خلال مداخل وملامح وتقنيات تشكيلية متنوعة، الأمر الذي يدعوك إلى التأمل والترقب والملاحظة عند رؤية وتذوق أعماله التصويرية، وخاصة أن ذاكرته وإنسانيته تتضافران في عفوية وتلقائية مع سطح العمل الفني، كما أنه مباشر وصريح يغضب و يفرح ويفاجئك بحالة من حالات الوجد والتأمل والحب مع ذاته ومع الآخرين من خلال أعمال ترصد تلك الحالات والانفعالات. وإذا قادتك قدماك إلى مرسمه بالرياض فإنك قد لا تستطيع الوقوف لحظة للتأمل لأنك تكون منجذباً تتسارع خطاك سعياً لرؤية أعماله فهو عندما يصور الصحراء يصبح جزءاً منها: النخلات صامدات على مر الزمن، وهؤلاء النسوة جلسن على الأرض في انتظار الزمن، وتلك الزوجة هي الأخرى تنتظر في هدوء وأمل وهذه الزوجة وزوجها في حالة بناء مشترك، وهذا الرجل يمد لك يده يساعدك على الوقوف واللوحة تؤكد ذلك المضمون. وكلها أعمال تتفاعل مع الحياة قلباً وقالباً وبلا جمود ومعظمها يدعو إلى الانتماء والبناء ليكوِّن رؤى عميقة لروابط متينة.

المرأة في لوحاته:

وللمرأة مفهوم خاص في حياة الفنان (عبدالجبار اليحيا) فهي الأم والزوجة والابنـة، يقول الفنان في إحدى دراســـاته: إن المرأة ما زالت وستظل رمزاً للعطاء والبذل والخصوبة والتضحية ونكران الذات ويكفيها أنها أول من آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ووقفت إلى جانبه تسانده.. السيدة خديجة أم المؤمنين هي دائماً المثال الأكمل في هذا السياق. ولأجل هذا الاحترام للمرأة فإن لوحاته في الغالب لا تخلو من العنصر النسائي في صياغات متنوعة وفنيات متعددة وألوان بمذاق خاص، دون تكرار أو ملل، والملاحظ أن الفنان يستبعد بعض المصطلحات التي تعارف الناس عليها بالنسبة للمرأة كالضعف والوهن والخنوع، ويؤكد أنه كلما تجدد الزمن تجدد معه عطاء المرأة بصورة أظهر لتقوم بدورها الطبيعي في المجتمعات الإنسانية، فهي الأم والزوجة والابنة وهي كذلك المهندسـة والطبيبة، وفوق كل ذلك هي المؤسسة الاجتماعية ودار الحضانة الكبرى، والأكثر صدقاً لكل بني البشر ومن أجل ذلك كرمها الإسلام .

من لوحاتة:

اعتمد الفنان في لوحة النبأ والتي رسمها عام 1990م كرد فعل على الأحداث الجارية في تلك الأيام، تصوير أسرة التفت حول المذياع لسماع النبأ . والمتأمل بتذوق لهذا العمل وخاصة الوجوه الخمسة يجد أن الفنان يؤكد على الملامح التي تعكس تعبيراتها وملامحها ذلك النبأ فنجد والد الأســــرة يضع يديه على وجهه ونقرأ من خلال اللوحة المعبرة الحزن والصرامة والأسف على ما يحدث، الابنة تشارك والدها في حزنه، والأولاد ترتسم على وجــــوههم تقـــاسيم تسانـــد وتعبر وتحس بالحدث.. أما الأم والتي تقــــف في مواجهــة أفــراد الأســرة فهي تجســد بنظـــراتها الحـــاضنة للجميع عمق الحدث ووقع النبأ المؤلم

*ويبقى عبدالجبار اليحيا أسم وفعــــل:

ويبقى عبدالجبار اليحيا.. اسم وفعل في مسيرة الفن التشكيلي السعودي.. وبدرجة رائد للبدايات ورائد في أسلوبه وثقافته ووعيه بدوره الإبداعي يعمل بصمت ويمازج بين القلم والفرشاة يكتب القصة القصيرة ويترجم لها ويرسم اللوحة ويمتلك القدرة في التعريف بحقيقة الإبداع.. صال وجال وحقق الكثير معرفياً وتواجداً فكان له ما أراده من مكانه في الساحة التشكيلية الخليجية عامة.. في لوحاته خط تماس سماه شعرة معاوية بين مختزله التراثي الأصيل شكلاً ومضموناً وبين علاقته بالجديد فهو فنان مخضرم يتعامل مع كل المعطيات.. للإنسان مساحة هامة في لوحاته.. يقتنص خلالها ومضات المشاعر وبارقة العاطفة بأسلوب السهل الممتنع.. لا يتكلف في أدائه ولا يلوي ذراع الفكرة أو يجد أداته التعبيرية لتقول مالا يمليه عليها الوجدان لهذا تأتي أعماله بما فيها من معان وملامح قريبة من العين مطابقة لمختزل ذاكرة المتلقي حتى لو لم يكن يعيش بعضاً من زمانها أو مكانها وقيل هي عبقرية التعامل مع حركة التلقي السريعة في عصر بصري التعامل مع كل مايحيط به مما يعني خطورة ذاكرته وحساسيتها وقدرتها على المقارنة والفصل.